من أجل المطالبة بهوية واضحة و قانون ينظم مهام و
خصوصية السيكولوجي
- الأستاذ مصطفى حدية -
كما يعلم الجميع أن الاهتمام بعلم النفس في الجامعة
المغربية انطلق في أواسط السبعينات في مجال التدريس و التكوين بشكل بارز و مستمر
في كل من الرباط و فاس ،داخل شعبة الفلسفة و الاجتماع و علم النفس و ذلك بغرض
تزويد الطلبة بالمعلومات السيكولوجية المكملة و الضرورية لتكوين أستاذ الفلسفة في
تلك الفترة٠
ظل الحال على هذا المنوال إلى أن تكونت شعبة خاصة بعلم النفس في
الجامعة المغربية سنة ٢٠٠٦محققة بذلك استقلالا عن الفلسفة و علم الاجتماع مما أصبح
معه التكوين سيكولوجيا محضا أي سيكولوجيا محضة يشرف على إعدادها الأساتذة داخل
الشعبة سواء في الرباط أو في فاس .فأصبح هناك متخرجون في مختلف التخصصات السيكولوجية
، الاكلينكية ، الاجتماعية و التربوية و في مجال الشغل و الطفولة الخ حاملين
لشواهد الإجازة و الماستر و الدكتوراه من أجل تطور الوضع و ارتفع عدد المتخرجين
والممارسين و ظهر إلى جانب التكوينات في الجامعة تكوينات تقوم بها بعض المؤسسات
الخاصة ،مما يدل عن غنى و تنوع في مجال علم النفس.
أمام هذه التكوينات و نتائجها المتنوعة و المتراكمة و الممارسة
الناتجة عنها في مختلف المجالات ،نؤكد أننا أصبحنا أمام إنتاج جديد و وضع جديد
يتطلب من السلطات المعنية الاعتراف قانونيا بمكانة و دور المتخصص في علم النفس في
مختلف القطاعات الصحية و الاجتماعية و التربوية و الاقتصادية أي في مجال الشغل الخ
مطلب الاعتراف بقانون خاص بالسيكولوجية كان دائم الحضور و بقوة مما
دفع بعدد كبير من الأساتذة المتخصصين بالجامعة و الممارسين في القطاع الخاص و
العام في أواسط الثمانينات إلى تكوين جهاز جمعوي للمطالبة بتحديد هوية المتخرج
والممارسة للسيكولوجيا في القطاع الخاص و العام ،تحديد هويته قانونيا ليعرف ما له
و ما عليه و يحمي مهمته و مكانته في المجتمع.
و قد أطلقوا على ذلك الجهاز الجمعوي .إسم "الجمعية المغربية
لعلم النفس" و الذي ظهر في ظروف صعبة ميزها بشكل خاص قلة المساهمين و قلة
الممارسين و المتخرجين ،و التي رغم ذلك قامت الجمعية بوضع الأسس البنيوية للعمل
الجمعوي و تمت مناقشة عدة قضايا و مهدت الطريق لعمل مستقبلي يمكن القيام به على
أحسن وجه .واجهت الجمعية بعد ذلك عدة اكراهات و صعوبات بعضها شخصي و بعضها تنظيمي
و مادي مما تعذر معه مواصلة العمل بحيوية و استمرارية.
فأمام تخرج أفواج من المختصين الذين عينوا في عدة قطاعات حيوية أو
اشتغلوا على حسابهم الخاص في عيادات خاصة كسيكولوجي،نحس بأنهم بدون هوية محددة
الخصائص قانونيا، مما فتح الباب على مصراعيه للتسلط على المهنة و النيل منها
بالممارسة غير الملائمة مما شوه بطبيعة الحال التخصص وضر بسمعة التكوين.
فهناك من يمارس في القطاع العمومي يعاني معاناة شديدة بسبب عدم تحديد
وضعه القانوني ؛ و يلاحظ هذا على الخصوص في القطاع الصحي حيث يعتبر السيكولوجي
مجرد مساعد للطبيب النفسي دون أن يعرف بالضبط ما هو المطلوب منه أمام طبيب يملك
سلطة العلاج بالأدوية . و قد لاحظنا أخيرا تكريس هذا الوضع من خلال ما أكده
التقرير الخاص "بالصحة العقلية و حقوق الإنسان" المقدم من المجلس الوطني
لحقوق الإنسان في لقاء دراسي حول موضوع:
"أية معالجة لواقع الصحة النفسية و
العقلية بالمغرب" يوم الأربعاء ١٧أكتوبر ٢٠١٢ بمقر مجلس النواب و الذي حضر
بعض الزملاء السيكولوجيين الأساتذة عبد الرحيم عمران و عبد الكريم بلجاج و مصطفى
حدية حيث ساهموا في المناقشة بجدية و موضوعية خصوصا حول ما ورد من تحديد لمفهوم
الصحة العقلية و النفسية و كدا لأحد بنود التقرير الذي يؤكد على أن المختص في علم
النفس على الأقل في الجانب العلاجي و مجال الصحة النفسية و العقلية ينحصر دوره في
مساعدة الطبيب النفسي و العمل تحت إشرافه و إمرته. و قبل هذا الاجتماع تصدى لهذا
التقرير في مختلف مضامينه الأستاذ بلحاج و الأستاذة آسية أقصبي في إحدى الجرائد
الوطنية مفند ين محدودية الرؤية و قصور النظر الواردة في التقرير و عدم التعامل مع
الظاهرة النفسية في شقيها النفسي و العقلي مما يفسح المجال للمختص في علم النفس
لممارسة اختصاصه بكل استقلالية في إطار التعاون بطبيعة الحال مع باقي مكونات العمل
الاستشفاء.
نعم لقد انزعج القائمون على التقرير مما ورد فيهما من أفكار و
اقتراحات و توضيحات موضوعية و علمية تخدم بطبيعة الحال وضعية السيكولوجي و هويته.
إن هدا مجرد مثال من قطاع الصحة المغيب لوضعية السيكولوجي فنفس
الوضعية الغامضة و المغيبة لهويته نجدها في قطاعات الشغل و الأقتصاد و التربية و
الخدمة الاجتماعية في مختلف المؤسسات السجنية والقضائية و حماية الطفولة و المرأة
الخ. فهوية السيكولوجي غير محددة قانونيا و غير منصوص عليها بما يكفي رغم أن أغلب
الشواهد و الدبلومات محصل عليها من القطاع العمومي و معترف بها و بأهميتها . أجل
في قلب هذا الوضع المؤلم تطوع بعض الأساتذة و ألحوا على الخروج من وضعية الجمود
هذه مع أخد المبادرة لأعادة الحيوية و النفس لٱنطلاقة جديدة للمطالبة بهوية واضحة
و قانون ينظم مهام و خصوصية السيكولوجي و ذلك من خلال إعطاء انطلاقة جديدة للجمعية
المغربية لعلم النفس بروح جديدة ،في ظروف جديدة و معطيات سياسية و قانونية و
تكوينية جديدة بواسطة الأساتذة المختصين في المجالات النفسية المختلفة و
السيكولوجين الممارسين في مختلف القطاعات من أجل بلوغ الأهداف المتوخاة خدمة لعلم
النفس ببلادنا كما هو الحال في بعض البلدان العربية و البلدان الغربية المتقدمة .
فلهذه المعطيات كلها و للظروف و الشروط التكوينية الخاصة، تمت هذه
المبادرة من أجل جمعية نفسية قوية.
رئيس الجمعية المغربية لعلم النفس
الأستاذ مصطفى حدية
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire