التنمية البشرية


التنمية البشرية

تعتبر التنمية البشرية عملية نمائية تروم تنمية وتطوير إمكانيات وقدرات الإنسان بهدف توسيع الخيارات المتاحة أمامه باعتباره أداة وغاية للتنمية. وقد عرف هذا المفهوم رواجاً كبيراً عندما تم اعتماده في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية. فحسب تقرير التنمية البشرية لعام 1990، تعني التنمية البشرية توسيع خيارات الأفراد، ليعيشوا حياة صحية مديدة، ويحصلوا على التعليم، ويتمتعوا بمستوى معيشي لائق، استنادا إلى أن "الحق في التنمية" بات أحد الحقوق الأساسية من حقوق الإنسان. ففي عام 1977 دخل هذا الحق في جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

لقد شهدت البلدان كلها تقريباً تحسناً في حالة التنمية البشرية خلال العقود القليلة الماضية وتحسنت أحوال المليارات من سكان العالم، كما أظهرت ذلك مختلف تقارير التنمية البشرية. فحسب تقرير 2013، فان أكثر من أربعين بلداً نامياً تضم العدد الأكبر من سكان العالم، حققت مكاسب مهمة حسب دليل التنمية البشرية حيث فاقت بذالك المتوقع.


لكن على الرغم من التقدم الذي أحرز مؤخراً في الحد من الفقر، لا يزال في العالم أكثر من 2,2 مليار شخص يعانون من الفقر المتعدد الأبعاد أو يشارفون على الوقوع فيه. فالتحدي ليس فقط في حماية السكان من الانزلاق من جديد في دوامة الضيق والحرمان، بل في إيجاد بنية مؤازرة لهم لمواصلة التقدم في التنمية البشرية في العقود المقبلة.


يغطي مفهوم التنمية البشرية مجالات كثيرة ومتنوعة كما ورد في مقدمة الإعلان العالمي عن حق التنمية الذي اعتمد ونشر سنة 1986 والذي يشير إلى أن التنمية هي عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشيطة والحرة والهادفة في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها. ومن سمات هذه التنمية تؤكد التقارير الخاصة بها أنه يجب أن تكون:


-
تنمية شاملة، تشمل جميع مناحي الحياة في البلد النامي بغرض تحسينها وتطويرها إلى الأحسن.


-
تنمية متكاملة: تضم جميع الأفراد والجماعات والمجالات المختلفة والمؤسسات بشكل متناسق ومتكامل بحيث يؤدي النمو في مجال ما إلى الأثر الايجابي في المجالات الأخرى.


-
تنمية مستدامة: تنمية تسعى دائماً للأفضل، بشكل مستمر ومتجدد ومرتبط بمختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية إلخ بحيث يكون فيها الإنسان هو الفاعل الأساسي بالمشاركة الفاعلة والهادفة.


انطلاقاً من هذه المقاربة الشمولية لمفهوم التنمية البشرية، نشير إلى الإجراءات التنفيذية التي يجب تفعيلها بغرض تحسين مستوى التنمية البشرية في المجتمع الإنساني بمشاركة فاعلة لفعاليات ومؤسسات المجتمع المدني.


دمج مفاهيم التنمية في المجتمع المدني:

1-
على المستوى الاقتصادي والاجتماعي:


-
التحسيس بأهمية الحق في العمل.


-
الحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية.


-
التأكيد على تفعيل حق المساواة بين الرجال والنساء.


-
تدعيم الحق في الأجور والتعويضات والمكافآت.


-
الدفاع عن الحق في الإجازات وتحديد ساعات العمل.


-
التحسيس بأهمية الحق في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.


-
التأكيد على الحق في السلامة والصحة المهنية.


-
الحق في التطبيب.


-
تنمية الحق في التعليم والتأهيل والتدريب.


-
المساهمة في الاستشارة والتسيير.


-
الوعي بالحق في التنمية والملكية.


-
الحق في سكن لائق.


2-
على مستوى الحقوق النقابية:


-
التحسيس بالحق في تكوين المنظمات النقابية والانضمام إليها.


-
حق مزاولة النشاط النقابي.


-
حق الإضراب.


-
حق المفاوضة الجماعية وإبرام العقود.


-
حق المشاركة في التشريع.


-
حق حماية المنظمات النقابية.


الا أن هناك تهديدات متنوعة يمكن أن تعوق التنمية البشرية نذكر منها:


-
المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالأزمات الاقتصادية والمالية المختلفة.


-
عدم المساواة في الاستفادة من الثروة الاقتصادية.


-
المخاطر الصحية.


-
البيئة والكوارث الطبيعية.


-
انعدام الأمن الغذائي.


-
انعدام الأمن الجسدي.


فانخراط فعاليات المجتمع المدني في المساهمة الفاعلة في تحقيق التنمية البشرية يُعتبر مطلباً ضرورياً اليوم على اعتبار أنه عندما يتحرك الأفراد ضمن الجماعة، تتضافر إمكاناتهم وخياراتهم الفردية للتصدي للمخاطر، وتسهم إمكانات الجميع في تعميق مكاسب التنمية وجعلها أكثر استدامة.


متطلبات التنمية البشرية:


أ- في التنمية الاقتصادية:


تتمثل متطلبات التنمية الاقتصادية في:


-
تشجيع الصناعة وتحديث وسائل الزراعية وتوجيه النشاط الاقتصادي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي عن طريق تغطية حاجياتها الأساسية.


-
العمل على تحقيق تنمية متكاملة تشمل كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية وتأخذ بعين الاعتبار ارتباطها ببعضها ببعض وتركز على الدور الذي تلعبه القطاعات الحيوية خاصة منها القطاع الصناعي والقطاع الفلاحي.


ب- في التنمية الاجتماعية:


تتمثل المهام الخاصة بهذا الجانب في محاربة الفقر والقضاء على البطالة، وإشراك المواطنين، أفراداً وجماعات في توفير الحرية والعدالة والمساواة وروح المسؤولية، عبر توفير التعليم والصحة للجميع.


ج- في التنمية الثقافية:


مواجهة التحديات التي تفرضها العولمة الثقافية وما ينتج عنها من استلاب وتدمير للثقافة والهوية المحلية.


ضرورة تدعيم البحث العلمي والتكنولوجي بارتباط متين مع ما يتمخض عن التربية والتعليم من نتائج إيجابية على مستوى التنمية الثقافية.

Share this article :

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire