المراهق بين التعاطي للمخدرات و صعوبة الاندماج




المراهق بين التعاطي للمخدرات و صعوبة الاندماج


إن المراهقين يشكلون أزيد من ثلثي سكان المغرب ،و الاهتمام بموضوع المراهقة يكتسي أهمية بالغة خاصة إذا علمنا بأنه موضوع حديث العهد في مجال البحث و الدراسة ،ارتبط ظهوره ارتباطا موازيا بعملية التمدن و التصنيع ،فالمجتمعات التقليدية لم يطرح عليها مشكل المراهقة ، ﻷن المجال كان مهيئا لكل طفل وصل سن البلوغ أن ينخرط في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية عبر الزواج و الشغل و بالتالي تحمل المسؤولية و الاندماج بسهولة في الوسط الاجتماعي .في حين نجد في المجتمعات الصناعية ،عكس ذلك ،حيث تتميز مؤسساتها وأطرها التنشيئية بكثير من التداخل و التعقيد يصعب معه اندماج المراهقين و الشباب كما بينته الدراسات في هذا الموضوع. والمجتمع المغربي،شأنه شأن جل المجتمعات المعاصرة قد أصبح معقد البيئة و التكوين ،نتيجة لما يعيشه من تحولات عميقة مست بدرجات متفاوتة كل الميادين الاجتماعية ،فانعكس هذا التحول و التعقد على مختلف الفئات العمرية و خاصة فئة المراهقة التي أصبحت تتسم بطول سنواتها ،كما أصبح المراهق يعاني صعوبة الاندماج في أهم المؤسسات التنشيئية كالأسرة و المدرسة


،نظرا لما تعرفه هذه المرحلة النمائية من خصوصيات فزيولوجية و نفسية و اجتماعية،تتجلى في التوتر الناتج عن ظهور مؤشرات البلوغ و اشتداد الرغبة الجنسية و الميل القوي لتأكيد الذات و تحديد الهوية و الرغبة في التحرر و الاستقلال و تفضيل معاشرة الرفاق بعيدا عن مراقبة الأسرة. يعاني المراهق الحيرة و الاضطراب ،خصوصا لدى المراهقين الذين يعيشون و ينشأون في وضعية هشاشة إما نفسية و اجتماعية وإما وضعية اقتصادية ،تجعله يتخوف من المستقبل الغير المضمون ، مع ميل واضح لتقليد بعض الراشدين و محاكاتهم و الرغبة في تقليد كذلك المنحرفين من المراهقين و الشباب.


فهذه التناقضات التي يعيشها المراهق بين حاجاته القوية ورغباته العارمة و طموحاته العريضة،وبين إمكانياته المادية و الاجتماعية المحدودة ،تجعله عرضة للتوتر و الصراع و القلق الذي يمكن أن يؤدي به إلى الانزﻻق في بعض متاهات الانحراف كالتعاطي للمخدرات خصوصا أن انتشار هذه السموم في جميع الأنحاء من المدن و الأحياء و الأزقة إلى القرى و البوادي،ساعدهم على ذلك سهولة اقتنائها وتشجيع المروجين و المتعاطين على تناولها من خلال إيهام المراهق بإيجابياتها كإدعاء بأنها نساعد الفرد على النشوة و الارتياح و نسيان الهموم .....الخ.فكل هذه الادعاءات التي تروج بشأن إيجابيات المخدر ،تجد استجابة لدى عدد من المراهقين فتحفزهم على التعاطي الذي يؤثر في غالب الأحيان على اندماجهم الاجتماعي في أهم المؤسسات التربوية كاﻷسرة و المدرسة . إذ يمكن لتعاطي المخدرات أن يدفع بالمراهق للقيام ببعض السلوكات المنحرفة كالكذب و الغش و السرقة ضد أفراد الأسرة أو الغير ،وعدم الاهتمام بالواجبات المدرسية مما يعرقل عملية اندماجه الاجتماعي فيصبح مهمشا و غير مرغوب فيه و تزداد حدة قلقه و توتره .


Share this article :

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire