هل العنف أوالعدوان فطري في الإنسان؟



هل العنف أوالعدوان فطري في الإنسان؟
في كتابات التحليل النفسي (فرويد وأتباعه) نقف على التأكيد بأن العدوان يوجد فينا جميعا وبشكل مؤكد، بالرغم من أنه في أغلب الأحيان يوجد كامنا. فالميل إلى العدوان والتدمير –حسب التحليل النفسي- استعداد غريزي ودافع فطري كالجوع والعطش يحتمه التكوين العضوي للإنسان، وهو عام بين الناس جميعا على اختلاف حضاراتهم. فالإنسان لا بد له أن يعتدي –دائما حسب التحليل النفسي- حتى إن لم يعتد عليه معتدي، حتى إن لم يلق إحباطا. ففرويد أكد على أنه توجد عند الإنسان غريزتين، غريزة الحياة وغريزة الموت. ويعتبر العدوان عبارة عن التعبير المباشر لغريزة الموت والتدمير، أي أنه عبارة عن طاقة تبنى داخل الفرد وتعبر عن نفسها خارجيا على شكل عدوان على الآخرين أو على الممتلكات أو داخليا على شكل تدمير للـذات.
إزاء هذا التصور الفرويدي، انبرى مجموعة من الباحثين من أتباع التحليل النفسي وعبروا عن عدم اتفاقهم مع فرويد في قوله بأن العدوان غريزة فطرية، وإنما طرحوا افتراض أن العدوان عبارة عن دافع يرتبط بالإحباط الناجم عن عدم القدرة على تلبية الحاجات، وأن التعبير عن العدوان يؤدي إلى خفض التوتر الصادر عن الإحباط وبالتالي تقليل العدوان. ولذا فإن هذه الزمرة من العلماء افترضت أن العدوان عبارة عن رد فعل للإحباط ولا يمكن أن يكون فطريا. إن ما يمكن استنتاجه من الانتقادات التي وجهت إلى هذا الرأي (ارتباط الإحباط بالعدوان) هو أن الإحباط لا يثير السلوك العدواني بشكل أوتوماتيكي وحتمي، بل هناك ردود فعل مختلفة يلجأ إليها الفرد تتراوح من التسامح والتعاون إلى العدوان بأشكاله المختلفة. فالعدوان من جهتنا لايمكن تصوره إلا نتيجة لعمليات التنشئة الاجتماعية في إطار العمليات التفاعلية  داخل وسط ثقافي –اجتماعي معين .

Share this article :

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire